و كان طبيبها لعدة أعوام .. دائما يسعد عند دخولها عيادته بنشاطها ابتسامتها الأخاذة ..
تطوف كالفراشة .. تتنقل بين المرضى الكئيبين بعفوية وأناقة ورقة تفوق أي أنثى ...
أما اليوم ... فقد حافظت على مظهرها المعتاد ولكن .. تلك الفراشة بهتت ألوانها وهدأت حركتها
نظر اليها جالسة أمامه تحاول كبح دموعها .. وكيف لها أن لا تبكي وقد أعلمها بأن
تقاريرها تؤكد شكوكهما .. ذاك المرض الخبيث ... كيف تسلل الى جسدها النشيط ..
لم يستطع التصديق ... أعاد التحاليل مرارا وتكرارا .. لم تشتكي يوما من أي علة .. كيف
أخبرها اليوم بصراحته المعتادة معها .. لم يستطع أن يخفي عنها حقيقة التقارير ..
لم يعرف كيف يفسر حقيقة مشاعره اتجاهها .. كلما رآها كان سعيد جدا .. تبادلا ضحكات ومعلومات طبية حديثة .. أعجب دوما بذكائها وفطنتها .. بكل ما تحمله من صفات رائعة ... لا يستطيع أن يحبها ... ليس فقط بسبب فرق العمر بينها ... لا بل .. للأسباب العديدة والكثيرة .. ولهذا اكتفى بأن تكون مجرد مريضة .. لا بل صديقة .. لم يستطع أن يعتبرها مجرد مريضة .. فهي رمز للصحة كيف اليوم تجلس في عيادته فعلا روح يشع بالحياة في جسد مريض ...
راقبها تحاول التماسك والضحك كعادتها ... ولكن دموعها تسابقت وهي تضع يدها على قلبها وتقول له ... انتهى ... لا أستطيع أن أحافظ على قوتي أكثر ... لا أستطيع التنفس .... اقترب منها بعفوية راميا خلفه كل قسم أقسمه بأن لا يتعلق بمريضة له ... واحتضنها بعاطفة وحب .... لماذا أنت.. لماذا الان ... لماذا ليس معك قريب أو رفيق .. أين عائلتك الآن .. لا يجب أن أكون أنا هنا .. بل هو .. أين هو ...
نهضت بهدوء غير معتاد ... مسحت دموعها وأعلنت ببساطة .. لا يجب أن يعلم أي أحد بهذا ... أقسم لي أن تحافظ على قسم الأطباء ولا تشارك أي مخلوق بما عرفناه اليوم ... ولكنه لا يستطيع .. يجب أن تتابع علاجها ويجب أن يكون معها رفيق ... لكن ! ... من غير لكن ... أريد أن أعيش ما تبقى لي كانسانة طبيعية وعندما يحين الوقت سوف يعلمون ... دعهم يحزنون مرة واحدة لا تقتلهم مرات ...
هذا ليس عدلا ... تخافين على مشاعرهم دوما أما اليوم ... دعيهم يقلقون لأجلك .. دعيني أتابع علاجك ... ولم يستطع منعها من المغادرة .... بعد أن أقسم لها ... ولكنه وللمرة الأولى والأخيرة قال لها .. "كان من الممكن أن أقول لك أحبك"... لكني لن أقولها ... ابتسمت وغادرت المكان .... ولكنها أبدا لم تغادر .....